{وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} يقولون: ما ذبح الله فلا تأكلوا وما ذبحتم أنتم فكلوا، فأنزل الله عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}] (?).
وقولهم: "ما ذبح الله" يقصدون الميتة ويستهزئون بأن ذبحها الله ولا تأكلوها، وتأكلون ما ذبحتم أنتم!
وأخرج الترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن عباس قال: [أتى ناس النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله: أنأكل ما نقتل، ولا نأكل ما يقتل الله؟ فأنزل الله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)} إلى قوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}] (?).
والخلاصة: الآية في مجادلة قوم من المشركين النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحليل الميتة بذلك الجدال السابق، وبتلك الفلسفة العقلية الباردة، فردّها الله وقبّحها من فلسفة، فلا رأي أمام كلامه الحق ووحيه العظيم.
وقوله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.
قال القاسمي: (أي: لهم مع الله، فيما يختص به من التحليل والتحريم). وقال النسفي: ({وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} في استحلال ما حرمه الله {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}. لأن من اتبع غير الله في دينه فقد أشرك به).
وقال القرطبي: (فدلّت الآية على أن من استحل شيئًا مما حرّم الله تعالى صار به مشركًا. وقد حرّم الله سبحانه الميتة نصًّا، فإذا قَبل تحليلها من غيره فقد أشرك).
وفي جامع الترمذي بسند حسن: [أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية - {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ. . .} [التوبة: 31]- على عدي بن حاتم الطائي، فقال: يا رسول الله، لسنا نعبدهم. قال: أليس يحلّون لكم ما حرّم الله فتحلونه، ويحرمون ما أحل الله فتحرمونه؟ قال: بلى. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فتلك عبادتهم] (?).