قال القرطبي: ({لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}: ودلت الآية على وجوب اتباع في دلالات القرآن، لأنه حق لا يمكن تبديله بما يناقضه، لأنه من عند حكيم لا يخفى عليه شيء من الأمور كلها).
وقال القاشاني: (أي: تمّ قضاؤه تعالى في الأزل بما قضى وقدر من إسلام من أسلم، وكفر من كفر، ومحبة من أحب، وعداوة من عادى، قضاءً مبرمًا، وحكمًا صادقًا، مطابقًا لما يقع، عادلًا بمناسبة كل قول وكل كمال وحال، لاستعداد من يصدر عنه واقتضائه له. {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}: أي: لا مبدل لأحكامه الأزلية) ذكره القاسمي.
وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
أي: السميع لما يصدر عنهم من الأقوال، العليم بما يخفون وبما يصدر عنهم من الأفعال. فلا يخفى عليه شيء من كلام عباده وسرائرهم وأعمالهم.
116 - 117. قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)}.
في هذه الآيات: لا تطع - يا محمد - هؤلاء المشركين العادلين بربهم أوثانهم وأصنامهم وأهواءهم، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن الدين الحق، فهم إنْ يتبعون إلا الظن وما هم إلا متخرصون كاذبون في منهاج التلقي حيث لا يقين ولا علم. وربك يا محمد هو أعلم بما اختار عباده من السبل: بما سلكوا من طرق الاعوجاج والغواية، أو بما سلكوا من سبيل النجاة والهداية، فهو مطلع على سبيل الفريقين وهو أعلم بالمهتدين.
فقوله: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ} - من الناس.
قال القرطبي: (أي: الكفار. {يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} أي: عن الطريق التي تؤدي إلى ثواب الله).
وقوله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}.
أي: ما يتبعون إلا الظن. {إِنْ} بمعنى ما. والخرص: الحَزْرُ والتخمين. قال