وقوله: {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}.
أي: إن اليهود والنصارى يعلمون في كتبهم أن هذا القرآن منزل بالحق، ويجدون عندهم من البشارات بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومما أخبرهم به رسلهم وتناقلته الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
أخرج البخاري في صحيحه عن عطاء بن يسار قالت: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص، قلت: [أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة؟ قال: أجل، والله إنه لموصوف ببعض صفته في القرآن: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا] (?).
ويروي ابن عساكر بإسناد جيد عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أنا دعوة إبراهيم، وكان آخرَ من بَشَّرَ بي عيسى بن مريم] (?).
وقوله: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}.
قال الربيع: (يقول: لا تكونن في شك مما قصصنا عليك).
وقوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}.
قال قتادة: (صدقًا فيما وَعَد، وعدلًا فيما حَكَم). قال ابن جرير: (وكملت: {كَلِمَتُ رَبِّكَ} يعني القرآن، سماه {كلمة}، كما تقول العرب للقصيدة من الشعر يقولها الشاعر: "هذه كلمة فلان"). وقال ابن كثير: (يقول: صدقًا في الإخبار وعدلًا في الطلب، فكل ما أخبر به فحقٌّ لا مِرْيَةَ فيه ولا شك، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عَدْلَ سواه، وكل ما نهى عنه فباطلٌ، فإنه لا ينهى إلا عن مَفْسَدَة، كما قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: 157]).