قلت: والدعاء يشمل كل ما ذكر، فالصلاة دعاء، والذكر والقرآن والعبادة بجميع ألوانها وأشكالها من الدعاء. وفي الحديث: [إن الدعاء هو العبادة] (?). وفي الحديث: [ليس شيء أكرم على الله سبحانه من الدعاء] (?).
وقوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} - فيه قولان:
القول الأول: يريدون طاعته، والإخلاص في عبادتهم لله تعالى، فلا يتوجهون بذلك إلا إليه.
قال ابن جرير: (يلتمسون بذلك القربة إلى الله، والدنو من رضاه).
القول الثاني: يبتغون الله الموصوف بالوجه. قال القرطبي: (يريدون الله الموصوف بأن له الوجه، كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]. وهو كقوله: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ .. } [الرعد: 22]. وخصّ الغداة والعشي بالذكر، لأن الشغل غالب فيهما على الناس، وما كان في وقت الشغل مقبلًا على العبادة كان في وقت الفراغ من الشغل أعمل).
قلت: وكلا القولين صحيح. فإن الآية تفيد الإخلاص في العمل لله الواحد الأحد، كما تفيد إثبات صفة الوجه لله الكريم. وقد أكدت السنة الصحيحة هذه الصفة الجليلة.
ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إن الله لا ينام، ولا ينبغي أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور (أو النار)، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره]. وفي لفظ: (لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) (?).