وقوله: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ}.
أي: لا أدعي أني ملك من الملائكة أُظهر الخوارق.
قال ابن جرير: (لأنه لا ينبغي لملك أن يكون ظاهرًا بصورته لأبصار البشر في الدنيا، فتجحدوا ما أقول لكم من ذلك). وقال القرطبي: (وكان القوم يتوهمون أن الملائكة أفضل، أي: لست بملك فأشاهد من أمور الله ما لا يشهده البشر).
والخلاصة: قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لست ملكًا حتى تكلفوني بِخوارق العادات مما لا يطيقه البشر، من الرقيّ في السماء، ورؤية الأمور العظام، إنما أنا بشر يأكل ويشرب وينام ولكن الله اصطفاني بالوحي لأبلغ كلامه ورسالته، ولذلك قال: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}.
وقوله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ}.
قال مجاهد: ({قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}، قال: الضال والمهتدي). وقال قتادة: ({الْأَعْمَى} الكافر الذي قد عمي عن حق الله وأمره ونعمه عليه، و {الْبَصِيرُ}، العبد المؤمن الذي أبصر نافعًا، فوحد الله وحده، وعمل بطاعة ربه، وانتفع بما آتاه الله).
وقوله: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ}.
قال ابن جرير: (ومعناه، يعلمون أنهم يحشرون، فوضعت "المخافة" موضع "العلم"، لأن خوفهم كان من أجل علمهم بوقوع ذلك ووجوده من غير شك منهم في ذلك).
وقوله: {لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}.
قال ابن كثير: (أي: أنذِرْ هذا اليوم الذي لا حاكم فيه إلا الله - عز وجل - {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، فيعملون في هذه الدار عملًا يُنْجيهم الله به يوم القيامة من عذابه، ويُضاعف لهم به الجزيل من ثوابه).
وقوله: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}.
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن سعد قال: [فِيَّ نزلت: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ