نبوتك - لست أملك خزائنِ الرب عزَّ وجلَّ، خزائن السماوات والأرض، ولست أعلم ما يغيب ولا أدعي أني مَلك، وإنما أنا عبد رسول أتبع ما يوحى إليّ من ربي عز وجل، فهل يستوي الأعمى عن الحق والبصير به أفلا تتفهمون هذه الحجج! ! وأنذر بهذا القرآن يا محمد الذين يخافون ربهم، والموقف في الحشر وأهوال ذلك اليوم، حيث لا ناصر ولا شفيع يشفع عند الله من عقابه الذي قضاه لأهل الكفر والجحود، لعلهم يرهبون ويحذرون ما يسخطه ويعملون ما يحبه - جلت عظمته. ثم لا تطرد المؤمنين المستضعفين من مجلسك من أجل الطغاة المجرمين، فإن جلوس المؤمنين أحب إلى الله من جلوس أولئك الذين يستكبرون أن يقعدوا جنب المؤمنين، فحذار أن تطردهم فتكون من الظالمين. فإنما فتَنَّا هؤلاء بهؤلاء بقسمة الأرزاق والأخلاق والقوة والضعف ليقول المجرمون المخدوعون بالقوة والمال أهؤلاء الفقراء الضعفة مَن الله عليهم بالهدى ونحن أحق! فأجابهم الله تعالى: أليس الله بأعلم بالشاكرين. وإذا جاءك المؤمنون يا محمد وقد انكسرت قلوبهم بذنوب زلّت نفوسهم وجوارحهم بها فبشرهم بسعة مغفرة الله ورحمته لمن تاب وآمن وعمل صالحًا وأنه سبحانه غفور رحيم.
فقوله: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ}.
أي: فيكون أمر التصرف بها إليّ، وأجيبكم ما خَطَرَ لكم.
قال القاسمي: (لا أدعي أن خزائن رزق الله مفوضة إليّ، فأعطيكم منها ما تريدون من قلب الجبال ذهبًا، وغير ذلك). وقال القرطبي: (هذا جواب لقولهم: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} فالمعنى: ليس عندي خزائن قدرته فأنزل ما اقترحتموه من الآيات، ولا أعلم الغيب فأخبركم به).
والخزائن جمع خزانة. وهي المكان الذي يخزن فيه الشيء. قال الرازي: (خزن المال جعله في الخزانة). وَخَزْنُ المال أو الشيء إحرازه، بحيث لا تناله الأيدي.
أخرج البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: [لا يَحْلُبَنَّ أحَدٌ ماشِيةَ امرئٍ بغير إذنه، أَيُحِبُّ أحدُكُم أن تؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فتكْسَرَ خِزَانتهُ فَيُنْتَقَلَ طَعَامُه؟ فإنما تَخْزُن لهم ضروعُ مواشيهم أَطْعماتِهم، فلا يَحْلُبَنَّ أحد ماشيةَ أحدٍ إلا بإذنه] (?).