وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (45)}.
في هذه الآيات: قل يا محمد لهؤلاء المعاندين من قومك: أخبروني إن جاءكم عذاب الله كالذي نزل على أمم قبلكم فهلكوا - كالرجفة والصيحة والصاعقة والغرق - أو جاءتكم الساعة التي تخرجون فيها من قبوركم لمشهد الحساب يوم القيامة، أغير الله هناك تدعون لكشف ما نزل بكم! ! هل تدعون شركاءكم وآلهتكم المكذوبة! ؟ بل إنكم هنالك تفزعون إلى الله وحده ليكشف عنكم ما أغمكم من الشدائد والأهوال دون كل شيء غيره، وتنسون حينئذ ما تشركونه في العبادة. لقد أرسلنا إلى جماعات قبلكم من الأمم فأمرناهم ونهيناهم وامتحناهم بالفقر والضيق والأسقام لعلهم يخلصون العبادة لله ويفردونه بالتعظيم، وإذ لم يتضرعوا بل أقاموا على تكذيبهم واستكبارهم قساوة قلب منهم، واستهتارًا بعقاب الله، وقد حَسَّنَ الشيطان لهم أعمالهم التي يسخطها الله منهم، فلما أصروا على غيّهم استدرجناهم بعاجل لذات الدنيا حتى إذا فرحوا بسعة العيش والصحة وسكروا فاجأناهم بعقوبة مؤلمة وأخذناهم فأصبحوا هالكين. فاستؤصل القوم الذين عتوا على ربهم والحمد لله رب العالمين.
فقوله: ({قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ}. أي: أخبروني. وقوله: {إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ}. أي: بمثل ما نزل بالأمم الماضية الكافرة التي عتت عن أمر ربها ورسله. {أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ} يعني القيامة.
وقوله: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
قال القرطبي: (أي: أنتم عند الشدائد ترجعون إلى الله، وسترجعون إليه يوم القيامة أيضًا، فلم تصرّون على الشرك في حال الرفاهية؟ ! وكانوا يعبدون الأصنام ويدعون الله في صرف العذاب).
وقوله: {بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ}. أي: تخصون بالدعوة. {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ}.
قال القاسمي: (أي: إن شاء كشفه. والتقييد بالمشيئة لبيان أن إجابتهم غير