الضمير للساعة، أي: على ما فرطنا في شأنها، ومراعاة حقها، والاستعداد لها، بالإيمان بها، واكتساب الأعمال الصالحة).
وقال ابن جرير: (الضمير يعود إلى الصفقة التي دل عليها قوله. {قَدْ خَسِرَ .. } إلخ، إذ الخسران لا يكون إلا في صفقة بيع قد جرت. قال: والمعنى: قد وُكِسَ الذين كذبوا بلقاء الله، ببيعهم الإيمان الذي يستوجبون به من الله رضوانَه وجنته، بالكفر الذي يستوجبون به منه سَخَطَهُ وعقوبته. ولا يشعرون ما عليهم من الخسران في ذلك، حتى تقوم الساعة. فإذا جاءتهم الساعة بغتة، فرأوا ما لحقهم من الخسران في بيعهم، قالوا حينئذ تندمًا: {يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا}).
وقوله: {وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.
الأوزار: جمع وزر، وهو الحمل الثقيل، وسمي به الذنب لثقله على صاحبه، والوَزَرُ الجَبَل. وخَصَّ الظهر بالحمل لأن المعهود حمل الأثقال عليه، كما عهد الكسب بالأيدي.
قال القاسمي: (ومنه الوزير لأنه يحمل أثقال ما يُسْند إليه من تدبير الولاية: والمعنى أنهم لزمتهم الآثام فصاروا مثقلين بها).
وقوله: {أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.
أي: ما يحملون من الإثم والتبعات.
قال قتادة: ({أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}، قال: ساء ما يعملون).
وقوله: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} - فيه أكثر من معنى:
1 - قال ابن جرير. (يقول: ما باغي لذاتِ الحياة التي أدْنيت لكم وقربت منكم في داركم هذه، ونعيمها وسرورها، فيها، والمتلذذُ بها، والمنافس عليها إلا في لعب ولهو، لأنها عما قليل تزول عن المستمتع بها والمتلذذُ فيها بملاذّها، أو تأتيه الأيام بفجائعها وصروفها، فَتُمِرُّ عليه وتكدُر، كاللاعب اللاهي الذي يسرع اضمحلال لهوه ولعبه عنه، ثم يعقبه منه ندمًا، ويورثه منه تَرَحًا).
2 - قال القرطبي: ({وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} أي: لِقِصَرِ مدتها).
3 - قال النسفي: ({وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} جواب لقولهم: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} واللعب ترك ما ينفع بما لا ينفع، واللهو الميل عن الجد إلى الهزل. قيل