[يا أيها الناس! إنكم تحشرون إلى الله حُفَاةً عُراةً غُرْلًا (?) {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} ألا وإن أول الخلائق يُكْسَى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم] (?).

وفي ختم الآيات بقوله: {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. نكتة بديعة:

قال القرطبي: (ولم يقل: فإنك أنت الغفور الرحيم على ما تقتضيه القصة من التسليم لأمره، والتفويض لحكمه. ولو قال: فإنك أنت الغفور الرحيم لأوهم الدعاء بالمغفرة لمن مات على شِرْكه وهذا مستحيل، فالتقدير: إنْ تُبْقِهم على كفرهم حتى يموتوا وتعذبهم فإنهم عبادك، وإن تَهدهم إلى توحيدك وطاعتك فتغفر لهم فإنك أنت العزيز الذي لا يمتنع عليك ما تريده، الحكيم فيما تفعله، تضل من تشاء وتهدي من تشاء).

119 - 120. قوله تعالى: {قَال اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)}.

في هذه الآيات: خَتْمُ الله الكلام بعد سماع تبري نبيّه عيسى عليه الصلاة والسلام يوم القيامة من النصارى الملحدين الذين أشركوا به ونسبوا لعبده المسيح عليه السلام الألوهية كذبًا وافتراء -بقوله جل ذكره: هذا يوم ينفع أهل الصدق في عبادة الله صدقهم في توحيد الله وتعظيمه واتباع رسله دون تأليههم، وقد أعدّ الله جلت عظمته لهم أشرف استقبال ومقام في جنات تجري تحتها الأنهار وقد حظوا برضوان الله أبدًا وذلك الفوز العظيم. فسبحان من له ملك السماوات والأرض وما فيهن من خلائق وعوالم وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015