وقوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}.
أي: ما كنتم محرمين، لم تحِلوا من إحرامكم، فإن صيد البر يَحْرُمُ عليكم.
فائدة (1): لو اصطاد الحلال من أجل المحرم لم يجز للمحرم أكله.
فقد أخرج البخاري عن الصَّعْبِ بن جَثامَةَ اللَّيثي: [أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حِمارًا وَحْشِيًّا وهو بالأبواء أو بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نَرُدَّه إلا أنا حُرُمٌ] (?).
وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق - في رواية - قالوا: إن كان الحلال قد قصد المحرم بذلك الصيد، لم يجز للمحرم أكله، للحديث السابق.
فائدة (2): لو لم يقصد الحلال المحرم بالاصطياد، ولا أشار إليه، ولا أعانه، جاز له أن يأكل من ذلك الصيد.
فقد أخرج البخاري عن أبي قتادة رضي الله عنه: [أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له مُحْرِمين وهو غيرُ مُحْرِم، فرأى حمارًا وَحْشيًا فاستوى على فرسه، فسأل أصحابه أن يُناولوه سَوْطه فأبوا، فسألهم رُمْحَهُ فأبوا، فأخذه ثم شدَّ على الحمار فقتله، فأكل منه بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبى بعضٌ، فلما أدركوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سألوه عن ذلك؟ قال: إنما هي طُعْمَةٌ أطعمكموها الله] (?).
وفي رواية: (قال: هل معكم من لحمه شيء).
وقد أورد البخاري رواية أخرى فيها تفصيل أكبر لما جرى، من حديث عبد الله بن أبي قتادة أن أباه أخبره: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حاجًّا فخرجوا معه فصرف طائفةً منهم فيهم أبو قتادة فقال: خذوا ساحلَ البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحلَ البحر، فلما انصرفوا أحْرَمُوا كُلُّهم إلا أبو قتادةَ لم يُحْرمْ، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حُمُرَ وَحْشٍ