فالله ملك هذا الكون يعلم ما تبيتون وما أنتم صائرون إليه من طاعة أو كفر، وهو الحكيم في إيرادكم المصير الذي ينتظركم، وفي كل أمر قدره وشرعه.
وعن قتادة: ({لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}. قال: شهودٌ والله غيرُ مُتَّهمة).
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا}. أي: جاروا عن قصد السبيل جورًا أكيدًا شديدًا، حين وضعوا مكرهم أمام تقدم الناس لمتابعة الرسل لإقامة الحق في الأرض وتحكيم شرع الله العظيم.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}.
هذه هي الهداية إلى النار يوم القيامة. فمراتب الضلال ثلاثة:
1 - مرتبة الضياع والانحراف. قال تعالى: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} [يونس: 108].
2 - مرتبة الخذلان والحرمان. قال تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ} [غافر: 34].
3 - هداية إلى النار يوم القيامة. قال تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 22 - 24].
وقوله: {وَأَزْوَاجَهُمْ}. قال ابن عباس: (ومن أشبههم من الظلمة). وقال أبو العالية: (الذين ظلموا وأشياعهم).
وبنحو هذا قوله تعالى في آية النساء السابقة: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ} فهي الهداية إلى النار يوم القيامة بعد تجاوز مرحلة الضياع إلى مرحلة الخذلان إلى بئس المصير.
أخرج الإمام أحمد في المسند، والترمذي في الجامع، بسند حسن، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان، يساقون إلى سجن في جهنم يسمى