فاجلس في مجلسي. فجلس فيه، ورُفِعَ عيسى صلوات الله عليه. فدخلوا عليه فأخذوه فصلبوه، فكان هو الذي صلبوه وشُبِّه لهم به) - ذكره ابن جرير بسنده عنه.
وقوله: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ}. قال ابن جرير: ({وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}، اليهود الذين أحاطوا بعيسى وأصحابه حين أرادوا قتله. وذلك أنهم كانوا قد عرفوا عدة من في البيت قبل دخولهم، فيما ذكر. فلما دخلوا عليهم، فقدوا واحدًا منهم، فالتبس أمرُ عيسى عليهم بفقدهم واحدًا من العدَّة التي كانوا قد أحصوها، وقتلوا من قتلوا على شك منهم في أمر عيسى).
وقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا}. قال ابن عباس: (يعني لم يقتلوا ظنَّهم يقينًا).
وقوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}. أي: رفع الله المسيح إليه، وهذه من الآيات العظيمة الدالة على علو الله على جميع خلقه، وأنه على السماء واستوى على العرش، وكل المخلوقات دونه، سبحانه وتعالى عما يضل الجهال به علوًا كبيرًا.
وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا}. أي: في انتقامه من أعدائه وأعداء رسله وأوليائه.
{حَكِيمًا} في تدبيره وخلقه وقدره وتشريعه.
وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}. قال ابن عباس: (يعني: أنه سيدرك أناس من أهل الكتاب حين يبعث عيسى، فيؤمنون به).
قال الحسن: (قبل موت عيسى. والله إنه الآن لحيٌّ عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون).
وقال ابن جريج: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}، أنه قد أبلغهم ما أُرسل به إليهم). وقال قتادة: (يكون عليهم شهيدًا يوم القيامة على أنه قد بلغ رسالة ربه، وأقر بالعبودية على نفسه).
قلت: يحكم عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام حين ينزل بالقرآن والسنة، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويقاتل الناس على الإسلام فلا يقبل الجزية بل الإسلام أو السيف، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام. فمن أدركه من أهل الكتاب آمن به واتبع منهجه في الحكم بالكتاب والسنة، وإلا كان بينه وبينهم السيف. وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: