مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}.
في هذه الآيات: تَوَعُّدٌ من الله للذين يكفرون به وبرسله من اليهود والنصارى الذين آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض، كما فعلت اليهود بتكذيبهم عيسى ومحمدًا صلى الله عليهما وسلم، فأولئك توعدهم الله عذابًا مهينًا. وأما المؤمنون الذين آمنوا بالله وبجميع رسله دون تمييز في ذلك فأولئك أعد لهم نزلًا كريمًا.
قال قتادة: (أولئك أعداء الله اليهود والنصارى. آمنت اليهود بالتوراة وموسى، وكفروا بالإنجيل وعيسى. وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى، وكفروا بالقرآن وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -)
وقال السدي: ({إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ}، يقولون: محمد ليس برسولٍ لله، وتقول اليهود: عيسى ليس برسولٍ لله! فقد فرقوا بين الله وبين رسله، {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ}، فهؤلاء يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض).
وقال ابن جريج: (آمنت اليهود بُعزيرٍ وكفرت بعيسى، وآمنت النصارى بعيسى وكفرت بعزير، وكانوا يؤمنون بالنبي ويكفرون بالآخر، {وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}، قال: دينًا يدينون به الله).
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}.
إن منهاج الإيمان عند المؤمنين أن يؤمنوا بالله ويعظموه وحده لا شريك له، ولا يفرقوا بين أحد من رسله، بل يقرون أن الجميع جاؤوا بالحق من عند الله، وأن خاتمهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - جاء بشرع ناسخ لكل الشرائع قبله فيفردوه بالمتابعة فهو أسوة الأمة إلى يوم القيامة، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} يغفر ما سلف من الآثام والتقصير لمن شاء من عباده، {رَحِيمًا} لم يزل كذلك بتفضله على المخلصين بالهداية في الدنيا والنجاة يوم الحساب.