يروي ابن أبي حاتم وابن جرير عن عامر الشعبي، عن علي رضي الله عنه، أنه قال: (يستتاب المرتد ثلاثًا، ثم تلا هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا}).
وقوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}. أي: موجعًا في نار جهنم.
وقوله: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}. أي: يوالونهم ويسرون إليهم بالمودة، وإذا خلوا بهم قالوا: إنا معكم، إنما نحن مستهزئون. يعني بأهل الإيمان، يحرصون على عرض الدنيا ورياستها وزينتها الفانية على حساب نصرة الدين الحق والجهاد في سبيل الله.
وقوله: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.
هل يريد هؤلاء الذين ينافقون للذين كفروا العزة من هؤلاء؟ ! فهؤلاء الكفار هم الأذلاء في الدنيا والآخرة، رغم ما يظهر للناس من سلطانهم وكبرهم وغرورهم، فإن هذا الظاهر من أسباب العلو والبغي سيفنى عما قريب، وتبقى العزة لله جميعًا. كما قال جل ذكره: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. وكما قال جل ذكره: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}.
إن فخر الأمة بالانتساب لغير الإسلام والاعتزاز بغير الله هو مصدر ذلها وشقائها، فلا فخر للأمة ولا فرح لها إلا لنصر هذا الدين العظيم، وانهيار كل مناهج النفاق والكفر والانحراف في الأرض، فلا بد أن يرتبط أي فرح للأمة بمعنى من معاني نصر دينها.
أخرج الإمام أحمد والترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا، إنما هم فحم جهنم، أو ليكونُنَّ أهونَ على الله من الجُعَلِ الذي يُدَهْدِه الخُرْءَ بأنفه، إن الله أذهبَ عنكم عُبِّيَةَ الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من التراب] (?).
وكذلك أخرج الإمام أحمد في المسند، بإسناد صحيح عن أُبيّ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [انتسب رجلان على عهد موسى، فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان، حتى عدَّ