وقوله. {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
اللَّي: هو التحريف وتعمد الكذب، والإعراض: كتمان الشهادة وتركها. فإلى أقوال أهل التفسير:
1 - قال ابن عباس: (يقول: تلوي لسانك بغير الحق، وهي اللَّجلجة، فلا تقيم الشهادة على وجهها. والإعراض: الترك).
2 - قال مجاهد: ("وإن تلووا"، بتبديل الشهادة، و"الإعراض" كتمانها).
وقال: (إن تحرفوا أَو تتركوا).
3 - عن ابن عباس قال: (هما الرجلان يجلسان بين يدي القاضي، فيكون ليُّ القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر). فوجه الخطاب هنا إلى الحكام، عندما يميل الحاكم في الحكم لأحد الخصمين على الآخر.
واختار ابن جرير المعنى الأول والثاني. قلت: والبيان الإلهي يحتمل التأويل الثالث والله تعالى أعلم.
وفي مسند أحمد بسند حسن عن الشريد بن سويد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [ليُّ الواجِدِ يُحِلّ عرضه وعقوبته] (?).
وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}. أي: مطلع على قضائكم وشهادتكم ليجازيكم بها.
وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
قال الحافظ ابن كثير: (يأمر تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشُعَبهِ وأركانه ودعائمه، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل، بل من باب تكميل الكامل وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه).
وقوله: {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} يعني القرآن. {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} يشمل جميع الكتب المتقدمة. والفرق بين "نزّل" و"أنزل" أن القرآن نزل منجمًا مفرقًا على الوقائع، بينما أنزلت الكتب السابقة دفعة واحدة.