وهذا ما لا يجوزُ لأحدٍ أنْ يَحكُمَ به على كتابِ اللهِ عزّ وجل لو لم يجد له مذهباً؛ لأنَّ الشَّعراءَ تقلبُ اللَّفظَ، وتُزيلُ الكلامَ على الغلطِ، أو على طريقِ الضَّرورةِ للقافيةِ، أو لاستقامةِ وزنِ البيتِ، فمن ذلك قولُ لبيد (?):
نَحْنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأرْبَعة ... ......
قال ابن الكلبي (?): هم خمسة، فجعلهم للقافية أربعة ...» (?).
* وفي قوله تعالى: {إِنْ نَشَا نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] قال الزَّجَّاج (ت:311): «وذكر بعضهم وجهاً آخرَ، قالوا: فظلَّتْ أعناقُهم لها خاضعينَ هم، وأضمر «هم»، وأنشدَ (?):
تَرَى أرْبَاقَهُمْ مُتَقَلِّدِيهَا ... إذَا صَدِئَ الحَدِيدُ عَلَى الحُمَاةِ
وهذا لا يجوزُ في القرآنِ، وهو على بدلِ الغلطِ يجوزُ في الشِّعرِ؛ كأنَّه قالَ: يرى أرباقَهم يرى متقلديها؛ كأنَّه قال: يرى قوماً متقلِّدينَ أرباقَهم، فلو كان على حذفِ «هم»، لكانَ مما يجوزُ في الشِّعرِ أيضاً» (?).
والواجبُ في حملِ القرآنِ على أساليب العرب = أخذُ الحيطةِ، وعدمُ العجلةِ في ذلكَ؛ لأنَّه قد يَحْمِلُ البلاغيُّ ما جاءَ في القرآنِ على الأساليبِ