وتفسيرُ الإذنِ في هذا الموضعِ بالعلمِ تفسيرٌ للَّفظِ بجزءٍ منْ معناهُ؛ لأنَّ الإذنَ في هذا السياقِ يجمعُ بين معنيي الإباحة والعلمِ، وهو الإذنُ الكوني، أي: ما أصابكم يوم التقى الجمعانِ فبمشيئةِ اللهِ وقدرتِهِ (?).
كما أنَّ تنظيرَه بهذه الآياتِ فيه خطأٌ؛ لأنها من آذنَه بالشَّيء يُؤذِنُه: إذا أعلمه. أمَّا التي في الآية الَّتي يُفسِّرُها، فهي من أَذِنَ بالشَّيء: إذا أباحَهُ له، ومثلُه: أَذِنَ له بالشيء (?).
والمعنى في ما يَرِدُ به الإذْنُ الكَونِيُّ أنَّه إباحةُ اللهِ للشَّيءِ بالوقوعِ؛ يعني مشيئتَهُ له، وعدمَ ردِّه له، ولا تعني هذه المشيئةُ محبَّةَ اللهِ لما يشاءُ منْ هذه المقاديرِ.
أمَّا إذا كانَ الإذنُ شرعياً، فإنَّه من محبوباتِ اللهِ؛ مثل قولهِ تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]، وقولهِ: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36]، وغيرِها، فهذا الإذنُ في هذه الآياتِ إذْنٌ شرعيٌّ محبوبٌ للهِ سبحانَه، واللهُ أعلمُ.
مثالٌ لما انطبقت عليه الضوابط:
وبعدُ، فإذا اجتمعتْ هذه الضوابطُ في مثالٍ تفسيريٍّ، فإنَّ المعنى اللُّغويَّ المحتملَ يقبلُ بِنَاءً على هذه القاعدةِ (إذا ورد أكثر من معنى لغوي صحيح تحتمله الآية بلا تضاد جاز تفسير الآية بها)، وسأذكرُ مثالاً للمحتملِ اللُّغويِّ الذي يمكنُ قَبُولُهُ.
* في قولِه تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 6]، وَرَدَ في تفسيرُ لفطِ «عَرَّفَها» معنيانِ: