المسألة الخامسة
في علمِ الوجوهِ والنَّظائرِ
* ظهرتْ كتبُ الوجوهِ والنَّظائرِ في القرنِ الثاني الذي بدأ فيه تدوينُ كتبِ اللُّغةِ التي تناولت مدلول ألفاظِ العربِ، وكان بروزها على يد مفسِّري أتباعِ التَّابعين من السَّلفِ: مقاتلِ بن سليمانَ (ت:150)، والحسينِ بنِ واقدٍ (ت:159)، وهارونَ الأعورَ (ت:170)، ويحيى بنِ سلامٍ (ت:200)، وكانوا بهذا قد سبقوا اللُّغويِّين الذين لم يظهرْ علمُ الوجوهِ والنَّظائرِ في كتابتهم إلاَّ عند ابنِ قتيبةَ (ت:276) في كتابه تأويلِ مشكلِ القرآنِ، تحت عنوان: (اللفظ الواحد للمعاني المختلفة).
ثُمَّ ظهرَ عند المبردِّ (ت:285) في كتابِه: ما اتفقَ لفظُه واختلفَ معناه في القرآنِ المجيدِ، وهو مع صِغَرِ حجمِه لم يكنْ خالصاً لهذا الموضوعِ، بل شملَ موضوعاتٍ أخرى.
ثُمَّ برزَ في أمثلةٍ كثيرةٍ عندَ ابنِ عُزَيزٍ السِّجستانيِّ (ت:330)، ثمَّ كتب فيه ابنُ فارسٍ (ت:395) كتاباً أسمَاه: الأفراد (?).
وكانَ من الممكنِ أن يستفيدَ اللُّغويونَ من كتب الوجوهِ والنَّظائرِ في معرفةِ مدلولِ الألفاظِ العربيَّةِ التي وردتْ في القرآنِ كما استفادوا من كتب غريبِ القرآنِ والحديثِ ومعاني القرآنِ، غيرَ أنَّ هذا لم يقعْ في كتبِ المعاجمِ اللغويةِ، حيث لم تتمَّ الاستفادةُ مما كتبه أتباع التَّابعين في هذا العلم.