في هذا البيتِ ـ كما ترى ـ يَتَبَيَّنُ معنى الخَمَائصِ بسببِ مقابلةِ الشَّاعرِ لها بقولِه: مِلاءً بطونُكم، فَيُفْهَمُ منه أنهما على التَّضادِّ؛ لأن سياقَ البيتِ يدلُّ على أنَّه يذمُّهم، وأنهم لا يُعطونَ جاراتِهم مما يملكونَه.

وقد يَرِدُ بيانُ مدلولِ اللَّفظِ عن الشَّاعرِ نفسهِ في البيتِ المُسْتَشَهَدِ به، وهذا قليلٌ جداً، ومن ذلك ما وردَ في تفسيرِ قولِه تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد: 4].

قالَ ابنُ قتيبةَ (ت:276): «أي: يضعَ أهلُ الحربِ السِّلاحَ، قالَ الأعشى (?):

وأعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أوْزَارَهَا ... رِمَاحاً طِوالاً، وَخَيلاً ذُكُوراً

ومِنْ نَسْجِ داود يُحْدَى بِهَا ... عَلَى أَثَرِ الحَيِّ، عِيراً فَعِيراً» (?)

إنَّ الأعشى في هذا البيتِ يُبَيِّنُ مدلولَ اللَّفظِ الذي ذَكَرَهُ، فَأَوزَارُ الحربِ: عُدَّتُّهُ من السِّلاحِ: الرِّماحُ والخيلُ الذُّكورُ والدُّروعُ. ولكنَّ هذا الأسلوبَ في الشِّعرِ العربيِّ قليلٌ جداً.

وهذا المبحث يتعلَّقُ بمسألةٍ كبيرةٍ في اللُّغةِ، وهي: كَيفِيَّةُ الوصولِ إلى معرفةِ مدلولِ اللَّفظِ في لغةِ العربِ (?)؟.

والألفاظُ العربيَّةُ من حيثُ وضوح الدلالةِ على قسمين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015