والرَّجُلُ العاقرُ: الذي لا يُولدُ له، قالَ عَامِرُ بنُ الطُّفَيلِ (?):
لَبِئْسَ الفَتَى إِنْ كُنْتُ أَعْوَرَ عَاقِراً جَبَاناً
فَمَا عُذْرِي لَدَى كُلِّ مَحْضَرِ» (?)
وإذا تأمَّلتَ هذا التَّفسيرَ، وجدتَ أنَّ أبا عبيدةَ (ت:210) قد فسَّرَ العَاقِرَ في الآيةِ بأنها التي لا تَلِدُ، ثمَّ استدلَّ لذلكَ التَّفسيرِ بهذا البيتِ، غيرَ أنَّ اللَّفظَ في البيتِ غيرُ مفسَّرٍ، بل هو محتاجٌ إلى تفسيرٍ؛ أي: لو قرأتَ البيتَ مُفْرَداً عنِ الآيةِ، فإنَّك لا تَصِلُ به إلى دلالةِ لفظِ العَاقِرِ.
وقُصَارَى الأمرِ في ذلك أنَّه جعلَ معنى اللَّفظِ في الآيةِ هو معناه في البيتِ المستشهَدِ به، وبهذا يظهرُ أن المُسْتَشْهِدَ لا يَلتزمُ في الشَّاهدِ الشِّعريِّ أنْ يكونَ مُفَسَّراً بذاته في البيتِ، بل يكتفي بورودِ لفظِهِ فقط.
الصُّورةُ الثَّانيةُ: أنْ يكونَ سياقُ الشَّاهدِ الشِّعريِّ مُبيناً عن معنى اللَّفظِ، ويكون الشَّاهدُ بذلك موضِّحاً لمعنى اللَّفظِ القرآنيِّ بذاته، وهو بهذا غيرُ محتاجٍ لبيانٍ، ومن ذلك:
قالَ أبو عبيدةَ: (ت:210) في قولِه تعالى: {فِي مَخْمَصَةٍ} [المائدة: 3]: «أي: مجاعة. قال الأعشى (?):
تَبِيتُونَ في المَشْتَى مِلاءً بُطُونُكُمْ ... وَجَارَاتُكُمْ سُغْبٌ يَبِتْنَ خَمَائِصاً
أي: جياعاً» (?).