اللغة في اختلاف المفسرين، واتخاذ المبتدعة هذا التعدد في دلالات الألفاظ أداة لإثبات بعض تحريفاتهم وأخطائهم، وغيرها من المسائل التي تتعلق بالتفسير اللغوي.
وهذا الموضوع؛ أي: التفسير اللغوي، طويل جدًّا، لا تحويه مثل هذه الرسالة، لتعدد جوانبه، وكثرة تشعباته، ووفرة معلوماته ومصادره، فقد ينفتح لبعض الناس من أبوابه ما لا ينفتح للآخر، وكلها تدخل تحت مسمى التفسير اللغوي، فليست تسميتي له بهذا العنوان دالَّة على استقصاء جوانبه كلِّها، ولا هي مثبِّطةٌ من أراد أن يبحث فيه؛ إذ في البحث فيه متسعات لا متَّسع.
ولعل من المعلوم لدى الباحثين أن من أراد الكتابة في موضوع كثير الذيول لا يمكنه أن يصل في كل مسائله إلى كل شيء، بل قد يَغفلُ عما يراه غيره أولى وأفضل، ويَعْيَا عما يجب أن يُكتب فيه ويُكمل، ويُنقِصُ في مكان بسبب تزاحم المسائل عليه.
وكلما كان البحث محدَّداً دقيقاً في مسائل يمكن استجلابها وتحريرها بعينها دون الدخول في تفصيلات ـ ولو كانت من عيون مسائل الموضوع العامِّ ـ كان الوصول إلى تحقيق هذه المعلومات أحرى وأجدى.
وكم من بحث يَصِلُ صاحبُه إلى الكَلال عند صُلبِ موضوعِه بسبب انشغاله بالنَّقل والتَّكميل لموضوع سبقه إليه السابقون، وحرَّره العارفون، فإذا وصل إلى ما هو من صلب بحثه وصميمه، ضعفت همَّتُه، وكلَّ قلمه، واعتلَّ تفكيرُه، فكان يرقِّعُ لئلا تبلغه مدَّة انتهاء البحث، فيخرجُ بحثاً ذا عورٍ، لا يَشفي مبتغيه، ولا يُرضي مُبْتَليه، وصاحبه إلى أن يتبرَّأ منه أحبُّ إليه من أن يَقتنيه، فضلاً عن أن ينسبه إليه ويدَّعيه.
لذا كان من أكبر العقبات التي في هذا البحث كثرةُ المسائل المتشعِّباتِ، واحتياجُها إلى التفكير والتنقيب والتحرير، ففي هذا البحث مسائل لم يُسبق إلى بحثها.