خواصُّ من الناس كما يزعم كثيرٌ من الغلاة من الروافض والباطنية والصوفيَّةِ والفلاسفةِ وغيرهم، فمن أورد معنى لا تعرفه العرب كان ذلك مما يدلُّ على بطلانه، إذ المعاني محدودة محصورةٌ، ومدونة مشهورة، لا يمكن أن يزاد فيها ما ليس منها (?)، فمن فسَّر الحجارةَ بالبَرَدِ، لزمه صحةُ النقلِ عن العربِ في أنهم يطلقون هذا على هذا، وإلا رُدَّ قوله ولم يُقبلْ.
وبهذا تكون اللغة التي ثبتت حتى عصر الاحتجاج بنقل العدول من علماء التفسير واللغة وغيرهم = هي اللغة التي يُرجع إليها في تفسير كلام الله، وما عداها لا يُعتمدُ عليه، ولا يوثق به.
وإذا تأمَّلت تفسيرَ القرآنِ في الآثارِ المنقولةِ عن الصحابة أو التَّابعين أو أتباعهم، وفرزت كلَّ نوع من هذه الآثار المنقولةِ، فإنَّك ستجد ما كان مرجعه اللغة له الحظُّ الأوفرُ، والنَّصيبُ الأكثرُ.
بل ستجدُ أنَّ تعدُّدَ مدلولاتِ لفظٍ من ألفاظِ القرآنِ في لغةِ العربِ كان سبباً في اختلافِ المفسرينِ، فمنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنًى، ومنهم من اجتهد رأيه واعتمد معنًى آخر، وكلاهما كان معتمده الأول ورود هذا المعنى في لغة العربِ، ثمَّ صحَّةُ حمل هذا اللفظِ على الآيةِ.
وشرح هذا وغيره مكانه هذه الرِّسالةُ التي بين يديك.
ولما كان الأمرُ في هذا المصدر المؤثِّرِ في التفسير ما ذكرتُ لك طرفاً منه، فإنِّي قد عمدت إلى هذا الموضوعِ الطويلِ، واستلبتُ منه أطرافاً رأيت أنها جديرةٌ بالبحثِ والتَّحريرِ، فكان منها: التفسيرِ اللغوي عند السلفِ وعند اللغويين، ومكانة التفسير اللغوي، ومصادره، وآثار تعدد مدلولات اللفظ في