يقول القاضي عياض فى كتابه: «الشفا، بتعريف حقوق المصطفى» فى التعليق على حديث السحر: «اعلم وفقنا الله وإياك أن هذا الحديث صحيح متفق عليه، وقد طعنت فيه الملحدة، وتندّرت به، لسخف عقولها، وتلبيسها على أمثالها إلى التشكيك فى الشرع، وقد نزه الله الشرع والنبىّ، عما يدخل فى أمره لبسا. وإنما السحر مرض من الأمراض، وعارض من العلل، يجوز عليه- أي على النبي- كأنواع الأمراض، مما لا ينكر، ولا يقدح فى نبوته..
«وأما ما ورد من أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولا يفعله، فليس فى هذا ما يدخل عليه داخلة فى شىء من تبليغه أو شريعته، أو يقدح فى صدقه، لقيام الدليل والإجماع على عصمته من هذا، وإنما هذا فيما طروّه عليه فى أمر دنياه التي لم يبعث بسببها، ولا فضّل من أجلها، وهو فيها عرضة للآفات كسائر البشر، فغير بعيد أن يخيل له من أمورها ما لا حقيقة له، ثم ينجلى عنه كما كان!! ثم يقول القاضي عياض: «فقد استبان لك من مضمون هذه الروايات، أنه إنما تسلط على ظاهره، وجوارحه، لا على قلبه، واعتقاده وعقله، وأنه إنما أثّر فى بصره، وحبسه عن وطء نسائه وطعامه، وأضعف جسمه وأمرضه..
ويكون معنى قوله: «يخيل إليه أنه أنى أهله ولا يأتيهن» أي يظهر له من نشاطه، ومتقدم عادته القدرة على النساء، فإذا دنا منهن أصابته أخذة السحر فلم يقدر على إتيانهن، كما يعترى من أخذ وامترض.»
وينقل الآلوسى فى تفسيره روح المعاني عن الإمام المازري قوله تعليقا على هذا الحديث:
«قد أنكر هذا الحديث المبتدعة، من حيث أنه يحطّ منصب النبوة ويشكك فيها، وأن تجويزه يمنع الثقة بالشرع.