الكثيف من الظلام.. من عدوّ متربص، أو حيوان مفترس، أو حشرة سامة، ونحو هذا..

وفى الليل، وفى وحشة الظلام، والسكون، والوحدة- تطرق الإنسان همومه ووساوسه، وتتوارد عليه آلامه وأشجانه، فيبيت مؤرقا يئن تحت وطأة هذه الهموم، وتلك الوساوس.. ومن هنا كثرت مناجاة الناس لليل، وشكايتهم له، وبثهم إياه ما توارد عليهم فيه من هموم، وما طرقهم من غائبات الذكريات الموجعة..

يقول امرؤ القيس:

وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علىّ بأنواع الهموم ليبتلى

ويقول النابغة الذبياني:

كلينى لهمّ يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب

تطاول حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يرعى النجوم بآيب

فالليل، هو الليل، بوحشته، وتوارد الهموم على صدور الناس فيه، ولن يتغير هذا الوجه من الليل، ولن يتحول إلى نهار بما أطلع الإنسان فيه من شموس وأقمار، من مولدات الكهرباء.. إن لظلامه سلطانا، يتسلل من هذه الثياب المصطنعة من النور، إلى داخل الإنسان، فيجتم على صدره، وينسكب فى مشاعره.

وقوله تعالى:

«وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ» ..

النفث فى العقد: هو السعى بين الناس بالوشاية والنميمة، فتنحل بذلك عقد الإخاء، والمودة بينهم..

وأصل النفث فى الشيء النفخ فيه.. ومنه يقال للحية نفثت سمومها أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015