فهم يمنعون الزكاة ما استطاعوا منعها، ويؤدونها إذا قام عليهم سلطان قاهر، يرصد أموالهم، ويستخرج منها زكاتهم، كما يستخرج رجال الأمن المال المسروق من جيب السارق!! وفى قوله تعالى: «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ» - وفى جعل هاتين الكلمتين آية ذات دلالة مستقلة، مستوفية أركان الجملة المفيدة من مبتدأ وخبر- فى هذا إعجاز من إعجاز البلاغة القرآنية، حيث تهزّ هاتين الكلمتين أقطار النفس، وتستثير دواعى الفكر، حين يجد المرء نفسه بين يدى هذه الحقيقة الغريبة المذهلة:

«ويل للمصلين» !! وكيف يكون الويل للمصلين، والصلاة عماد الدين، وركنه المتين، وعليها يقوم بناؤه، وبها تشتد أركانه، وتثبت دعائمة؟ أهذا ممكن أن يكون؟ ويجىء الجواب نعم! وكيف؟ إنها صلاة الساهين عنها، المستخفين بها، الذين يأتونها رياء ونفاقا.. وإن الذين لا يؤدون الصلاة أصلا، ممن يؤمنون بالله، لهم أحسن حالا، من هؤلاء المصلين المرائين، لأن الذين لا يؤدونها أصلا، لم يتعاملوا بالصلاة بعد، ولم يزنوها بهذا الميزان البخس، ولو أنهم صلّوا فقد يقيمونها على ميزان يعرف قدرها، ويبين عن جلالها، وعظمة شأنها.. أما الذي يصلى ساهيا عن الصلاة متغافلا عنها، مستخفّا بها- فقد بان قدر الصلاة عنده ووزنها فى مشاعره.. وهو قدر هزبل، ووزن لا وزن له، ومن هنا كان جزاؤه هذا الوعيد بالويل والعذاب الشديد..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015