لا يكون حتى تصدق النية، وتخلص الرغبة، ويعظم اليقين فى لقاء الله، والثقة فى أنّ من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.
والذين يسهون عن الصلاة، أي يغفلون عنها، ولا يشغلون أنفسهم بها، وبانتظار أوقاتها ليهيئوا أنفسهم لها، ويعدوها للقاء الله فى محرابها- هؤلاء ليسوا مصلين فى الحقيقة، وإن ركعوا، وسجدوا، لأن صلاتهم تلك إنما تقع عفوا، وتجىء حسب ما اتفق، كأن يكونوا فى جماعة، وقد أذّن المؤذن للصلاة، فيمنعهم الحياء، أو الخوف من قالة السوء فيهم أن تصلى الجماعة ولا يصلون، أو أنهم يصلون فى الأوقات التي لا يشغلهم فيها شىء، ولو كان تافها.
أما إذا شغلهم عمل، أو لهو، فلا يذكرون الصلاة، ولا يؤثرونها على ما بين أيديهم من عمل، أو لهو، حتى لكأن الصلاة نافلة من نوافل الحياة، لا قدر لها ولا وزن! فهذا هو السهو، وهؤلاء هم الساهون عن الصلاة الذين توعدهم الله سبحانه وتعالى بالويل، لأنهم يراءون الناس، وينافقونهم أو ينافقون أنفسهم بها، وهم لهذا لا ينتفعون بالصلاة، فلا يأتمرون منها بمعروف، ولا ينتهون بها عن منكر..
وقوله تعالى: «وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ» .
الماعون: من العون، وهو ما يجد فيه الإنسان عونا على ما يلمّ به من حاجة وعوز..
والمراد بالماعون هنا الزكاة، لأنها أوسع الأبواب، وأجداها فى إسداء العون، للفقير، والمسكين، وابن السبيل..
فالويل إنما يتجه الوعيد به هنا، إلى الذين لا يقيمون الصلاة على وجهها، ولا يؤدّون الزكاة على تمامها وكمالها، طيبة بها أنفسهم، منشرحة بها صدورهم..