وقوله تعالى:
«يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ» جملة حالية تكشف عن ظنون هذا الإنسان وأوهامه، وهو أنه على ظنّ من أن هذا المال الذي جمعه، سيخلّده، ويمدّ له فى الحياة، وأنه بقدر ما يستكثر من المال بقدر ما يكون له من بقاء فى هذه الدنيا.. هكذا شأن الحريصين على المال، الذين اتجه همهم كلّه إلى جمعه.. إنهم لا يذكرون الموت أبدا، ولا يغشون مكانا يذكّرهم به، ولا يستمعون إلى حديث يذكر فيه.. إن الموت عندهم هو عدوّ قد قتلوه بأمانيّهم الباطلة، وأراحوا أنفسهم منه، فما لهم والحديث عنه؟ وما لهم وما يذكّرهم به؟
وقوله تعالى:
«كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» .
أي كلّا، إنه فى وهم خادع، وفى ضلال مبين، إذ يحسب أن المال يخلّد صاحبه ويمدّ له فى العمر.. وكلا إنه سيموت، وسيبعث، وسينبذ أي يرمى فى الحطمة، أي جهنّم، التي تحطمه حطما، وتدقّه دقّا، وتهشمه هشما..
ونبذ الشيء: طرحه فى غير مبالاة، هوانا له واستخفافا به.. كما تنبذ النواة من النمرة بعد أن تؤكل.
وقوله تعالى:
«وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ؟ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» .
استفهام عن الحطمة، يلفت النظر إليها، ويدير العقل للبحث عن حقيقتها..