فالصبر، والمصابرة، والمرابطة، وتقوى الله، هنّ اللائي يمكّنّ للمؤمن من أن يضع قدميه على طريق النجاح والفلاح، وأن يقطع هذا الطريق إلى غايته، فيظفر برضا الله، ويفوز برضوانه.
والصبر، هو القوة التي يلقى بها المرء المكاره والشدائد، فيحتملها فى إصرار وعزم، وفى غير وهن أو ضعف.. فذلك هو الصبر الذي يدعو إليه الإسلام، ويزكيّه، كما تدعو إليه رسالات السماء، وحكمة الحكماء.. وفى هذا يقول لقمان لابنه فيما يقول القرآن الكريم عنه: «وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» . (17: لقمان) والمصابرة، هى التجربة الحيّة للصبر، والمحكّ الذي يظهر به معدن الصبر عند الصابرين.. فليس الصبر درجة واحدة.. بل هو- شأنه شأن كل فضيله- درجات متفاوتة، تختلف حظوظ الناس منه، كلّ حسب وثاقة إيمانه، وقوة عزيمته.
وفى المصابرة مغالبة ومصاولة، بين الإنسان وبين الشدائد والمحن، التي يريد قهرها والغلب عليها، سواء كانت تلك الشدائد والمحن ممّا يعتمل فى نفسه من أهواء ونزعات، أو مما تسوق إليه الحياة من بلاء وامتحان! والمرابطة هى الثمرة المباركة من ثمار الصبر والمصابرة.. فإذا صبر الإنسان على المكروه، ثم صابر هذا المكروه على ثقله وامتداد الزمن به، فلم يضعف ولم يضجر، أسلمه ذلك إلى «المرابطة» التي يذلّ فيها المكروه ويصبح شيئا مألوفا.. وهكذا تتحول المكاره مع الصبر والمصابرة إلى أشياء أقرب إلى نفس الإنسان، وأشكل بطبيعته، وهكذا يصبح معتادا لها، مرتبطا بها..
وبهذا يحصل على الثمرة الكبرى، وهى التقوى، التي لا تكون إلا بقهر شهوات النفس وأهوائها، وذلك هو الفلاح المبين والفوز العظيم.