وقوله تعالى:
«فَكُّ رَقَبَةٍ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ» : المسغبة: المجاعة، والمتربة: التراب، ويراد بها الفقر الشديد، كأن المتصف بها لا يملك غير التراب! هذه هى العقبة التي كانت موضوع السؤال: «وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ» ؟
إنها عقبة، تقوم بين يدى من يريد اجتيازها إلى مواقع الخير- عقبات:
منها: «فك رقبة» أي عتق رقبة، وفكها وإطلاقها من أسر العبودية، والرق، وتحريرها من البهيمية التي اغتالت معالم الإنسانية فيها..
إن الإنسان- مطلق الإنسان- له حرمته عند الله، وإن الاستخفاف بهذه الحرمة عدوان على حمى الله.. ولهذا كان من أعظم القربات عند الله سبحانه وتعالى، هو رد اعتبار هذا الإنسان، وتصحيح وجوده بين الناس..
إنه خليفة الله فى الأرض! ومن العقبات التي يقتحمها من يأخذ طريقه إلى الله: «إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ، يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ، أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ» أي بذل الطعام فى المجاعات، وفى أيام الجدب والقحط، للجياع والمحرومين.. وأولى هؤلاء الجياع بالإطعام، الأيتام الفقراء، لضعفهم، وعجزهم عن الكسب.. وأحق الأيتام بهذا الإحسان، ذوو القربى، إذ كان للقرابة حق يجب أن يرعى، فمن قصّر فى حق ذوى قرابته، فهو مع غير هم أكثر ضنّا، وأشد تقصيرا.. والمسكين الفقير، هو أشبه باليتيم، فى ضعفه، وقلة حيلته، وإطعامه- حين لا يجد الطعام- أولى من غيره! وفرق بين الفقير، والمسكين.. فقد يكون المسكين فقيرا، وقد يكون