- «إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ» ومقتضى النظم: «إن الأبرار يشربون بكأس» - «عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ» ومقتضى النظم كذلك: «عينا يشرب منها عباد الله» :
وقد عدّ وصف أبى نواس للخمر والكأس أبلغ ما قالت العرب من وصف جامع للخمر وللكأس معا..
ولكن الذي ينظر فى الوصف القرآنى للخمر والكأس، لا يجد من وصف أبى نواس إلا طنين ذباب، بين يدى نغم علوىّ آسر، يملك زمام العقول، ويهزّ أوتار القلوب! وأين زبالة المصباح من ضياء الشمس، وروائها؟
وأين ضآلة المخلوق من عظمة الخالق وجلاله؟
أبو نواس آلة مصورة لروض جميل رائع، ولكن لا حياة فيه، ولا ريح زهره ولا مذاق لثمره..
والنظم القرآنى ينقل هذا المنظر فى كلمات تنبض بالحياة، وتندى بالطيب فتنشق الأنوف عبيره، وتطعم الأرواح مذاق جناه!! أبو نواس يستعين على إخراج الصورة بالأسلوب التقريرى المباشر، فيقول «رق الزجاج ورقت الخمر..»
فهو يقرر الصفة التي عليها كلّ من الكأس والخمر، وهى الرقة.. ثم يبنى على هذه المقدمة حكما مسلّما به، وهو التشاكل والتشابه بين شيئين كل منهما على صفة الآخر.. وهذا عيب فى الأسلوب البلاغى، الذي يعتمد على التلميح دون التصريح، ويستغنى بالإماءة، عن المواجهة والمكاشفة!