أما الكافرون فقد يستمع مستمعهم إلى آيات الله تلك، التي تعرض الكفر وأهله فى هذا العرض المخيف، ويرى منه المصير الذي ينتظره، فيرجع إلى نفسه، ويعدل عن موقفه، ويصالح ربّه بالإيمان به، والموالاة لأوليائه..
ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)
التفسير: قضت حكمة الله أن يجعل هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار للناس، يذوق فيها بعضهم بأس بعض، وفى هذا الاحتكاك الواقع بينهم، تظهر أحوالهم وتنكشف أمورهم، وتعرف معادنهم، ولولا ذلك لكانوا شيئا واحدا..
لا مؤمن ولا كافر، ولا طيب ولا خبيث، ولا محسن ولا مسيىء وقوله تعالى: «ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ» هو من مقتضيات هذه الحكمة التي كان من آثارها هذا الاحتكاك الذي يدور بين المسلمين والكافرين، والذي ابتلى فيه المؤمنون بما أصيبوا فى أنفسهم وأهليهم.. فليس الإسلام هو كلمة يقولها الإنسان ليكون مسلما، وإنما هو كلمة وراءها عمل، ووراء العمل تبعات كثيرة، وأعباء ثقال، ولولا ذلك لكان مدخل الإيمان سهلا، لا ثمن له، يستوى فيه من يعمل ومن لا يعمل.. بل إنه لا يجد أحد ما يدفعه إلى العمل وبذل الجهد، إذ كان الأمر على تلك الصفة.