أما المصير الذي يصير إليه هذا الإنسان، فهو مصير عام يلتقى عنده أهل الضلال جميعا، وهو النار..
قوله تعالى:
«حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً» هو تهديد المشركين، وأنهم إذا كانوا فى يومهم هذا، يعتزون بقوتهم، وكثرة عددهم، ويتسلطون على تلك القلة المستضعفة المؤمنة، ببغيهم وعدوانهم، ويجتمعون لبدا عليهم- فإنه سيأتى اليوم الذي يوعدون فيه بهذا العذاب، حيث يرون أنه قد تخلّى عنهم كل ما كان موضع قوة وعزة لهم، وأنهم قد صاروا حطبا لنار جهنم.
ويجوز أن يكون مما يوعدون به، هو ما تهددهم الله به من الهزيمة والخذلان فى الدنيا، فى قوله تعالى: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» (45: القمر) وفى قوله تعالى: لنبيه الكريم: «وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ» (46: يونس) .. وغير ذلك من الآيات التي أشارت إلى نهاية هذا الصراع القائم بين المشركين، والمؤمنين.. وأن النصر، والغلب والعزة ستكون لله، ولرسوله، وللمؤمنين..
ولقد رأى المشركون مصداق قوله تعالى: «فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً» - لقد رأوا ذلك رأى العين، يوم الفتح، حيث دخل النبي مكة على المشركين فى عشرة آلاف من أصحابه، فانقبع المشركون، وزلزلت الأرض بهم، ثم جاءوا إلى النبي مقيدين بقيد المهانة والذلة، حتى أطلقهم الرسول الكريم بقولته الخالدة: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» !