الذي أملكه من الله لكم، بعد أن ملّكنى إياه.. وها هو ذا أعرضه عليكم، وأبلغكم ما أرسلت به إليكم.. أما ما وراء هذا، فلا أملك لكم من الله شيئا منه، فلا أملك هداية لمن أضله الله، أو إضلالا لمن هداه الله..
وفى جمع «الرسالات» مع أن رسالة الرسول واحدة، لا جمعا- فى هذا إشارة إلى أن كل آية من آيات الله، هى رسالة من رسالات الله، إلى عباد الله، يرون فى أنوارها، مواقع الهدى والرشاد، وإنه بحسب الإنسان العاقل أن يتلو آية من آيات الله، أو يستمع إليها، فيجد طريقه إلى الإيمان والهدى.. ولقد استمع الجن إلى آيات من القرآن الكريم فكان فيها هداهم ورشدهم..
وقوله تعالى: «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً» .
هو تعقيب على قوله تعالى: إلا بلاغا من الله ورسالاته، فهذا البلاغ من الله، وتلك الرسالات المنزلة فى آياته- هو مما بلغه الرسول إياهم، ودعاهم إلى تصديقه، والإيمان به، وأن من يعص الله، فلم يؤمن بآياته، ويعص الرسول، فلم يستجب له- فإن له نار جهنم خالدا فيها أبدا.. فذلك هو جزاء من يعصى الله ورسوله..
وفى عود الضمير مفردا على اسم الشرط «من» فى قوله تعالى: «فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ» ثم عوده عليه جمعا فى قوله تعالى: «خالِدِينَ فِيها أَبَداً» - فى هذا إشارة إلى أن العصيان لأمر الله ورسوله، هو عن استجابة لهوى الإنسان وحده، وأنه هو المسئول عن ركوبه هذا الطريق المهلك..