منهم، ويعزلوهم عنهم، فإنهم- حيث كانوا- مرض خبيث، يغتال قوى الجماعة التي يندس فيها، ويختلط بها.
وقولة المنافقين هنا، والتي حكاها القرآن الكريم عنهم فى قوله تعالى:
«لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ» قولة منافقة خبيثة، تحمل وجوها من الكيد والتوهين لقوى المسلمين، وهم فى مواجهة العدو.
فقد تحمل هذه القولة على أن هذه الجماعة المنافقة لا تعلم أن قتالا سيكون بين المسلمين والمشركين، وأن قريشا، إنما جاءت لتعرض قوّتها، ولتلقى فى قلوب المسلمين الرعب منها، حتى لا يعترضوا تجارتها فى طريقها إلى الشام..
ثم تنصرف بلا قتال..
وقد تحمل هذه القولة أيضا- وهو الوجه الواضح منها- على أن ما بين المسلمين وبين قريش لن يكون حربا بالمعنى المفهوم.. لأن الحرب بهذا المعنى تكون بين قوتين متكافئتين، الأمر الذي لا يراه المنافقون بين المسلمين وبين قريش.. فالمسلمون- كما يرى المنافقون- فى عدد قليل وضعف ظاهر، وقريش فى جموع كثيرة، وأعداد وفيرة، وسلاح وعتاد يملأ السهل والوعر..
فكيف يكون بين هؤلاء وأولئك حرب؟ إنها ليست إلا ضربة واحدة بيد قريش حتى ينتهى كل شىء. فكيف ندعى إلى حرب ولا حرب؟
إنها عملية انتحار أقرب منها إلى الحرب.. هكذا يقول المنافقون..
وقوله تعالى:
«هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ» ..
إدانة لهم، وحكم عليهم، بهذه الكلمة المنافقة، التي باعدت بينهم وبين الإيمان الذي ينسبون أنفسهم إليه، والتي خطت بهم خطوات سريعة إلى الكفر، فكادوا يكونون كفرا خالصا..