فذلك الخلل إنما هو فى ذات أنفسهم، لا فى الدين الذي يجاهدون فى سبيله:
«قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ» أي بما أحدثتم فى هذا اليوم من أمور، عزلت كثيرا منكم عن موقف الجهاد، وباعدت بينهم وبين الله! لقد تغيّرتم أنتم أيها المسلمون، وتغيّر ما بأنفسكم، فغيّر الله مكانكم من النصر الذي كان دانيا لكم، قريبا من أيديكم.
أمّا الله- سبحانه وتعالى- فحاشا أن يتغيّر أو يتبدّل، فترونه قويّا عزيزا يوم بدر، ولا ترونه على تلك الصفة يوم أحد.. ذلك مما ينزّه الله عنه:
«إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» قدرة مطلقة دائمة، لا تحول ولا تزول أبدا.
وقوله تعالى:
«وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ» .
هو عزاء ومواساة للمسلمين، لما أصابهم فى تلك المعركة.. وأن يد المشركين ما كانت لتعلوهم إلا بإذن الله، ولأمور قدّرها الله وأرادها.
وقوله سبحانه:
«وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ» هو كشف لبعض ما أراد الله من هذا المصاب الذي وقع فى المسلمين..
فهو امتحان وبلاء لهم، ليعرفوا ما فى أنفسهم من إيمان وصبر، وليتعاملوا مع الله على قدر ما انكشف من إيمانهم وصبرهم..
وقوله تعالى:
«وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ» .
هو وجه آخر من وجوه الحكمة التي تنكشف من وراء هذا الذي حدث فى أحد، وهو أن تنكشف وجوه المنافقين للمؤمنين، فيأخذوا حذرهم