قوله تعالى:
«فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ» .
أي نادى بعضهم بعضا، فى بكرة الصباح، أن أسرعوا إلى زرعكم، إن كنتم منفذين لما عقدتم العزم عليه بالأمس..
وقوله تعالى: «إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ» هذا من قول بعضهم لبعض، وفيه تحريض لأنفسهم على المبادرة والإسراع بتنفيذ ما اتفقوا عليه.. وكأن كلّا منهم يقول لصاحبه: هيا أسرع!! ماذا جرى؟ ألا تريد أن نمضى فيما عزمنا عليه؟
فلم هذا التباطؤ إذن؟
قوله تعالى:
«فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ» .
أي أنهم سرعان ما اجتمع أمرهم، فانطلقوا مسرعين، يتحدث بعضهم إلى بعض، فى صوت خفيض هامس، حتى لا يحسّ بهم أحد، ولا يستيقظ على خطوهم أو صوتهم من يشهد ما يفعلون، وهم يجنون ثمر جنتهم!.
وقوله تعالى: «أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ» هو بيان لما كانوا يتخافتون به، ويوصى به بعضهم بعضا، وهو ألا يدخل الجنة عليهم أحد فى يومهم هذا.. وهذا الحديث المتخافت بينهم، هو توكيد لما كانوا قد اتفقوا عليه من قبل.. وهو مفهوم من قوله تعالى: «إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ» .. فهذا القسم، يخفى وراءه أمرا يريدون توكيده بهذا القسم، وعقد العزم عليه. فإن مجرد رغبتهم فى جنى ثمار جنتهم لا يحتاج إلى قسم، إذ كان ذلك الأمر إليهم، يفعلونه كما يشاءون، وفى أي وقت يريدون..
أما القسم، فهو لغاية أكثر من مجرد قطف ثمار الجنة وحصاد زرعها..
ثم إن فى قوله تعالى: «مُصْبِحِينَ» - إشارة أخرى تشير إلى أن وراء