فهذه ثلاثة أمثال، تحتوى النساء جميعا، فى ثلاث مجموعات..
المجموعة الأولى: المرأة التي فسدت طبيعتها.. تكون فى بيئة طيبة، صالحة، فيغلب فسادها، وخبث ريحها، هذا الطيب الذي يهب عليها من بيئتها، فلا تتأثر به، ولا تتقبله طبيعتها التي ألفت هذا العفن الذي ينضح منها..
والمجموعة الثانية، هى المرأة التي طابت طبيعتها، وسلمت فطرتها.. تكون فى بيئة فاسدة عفنة، فلا تتقبل هذا الفساد، ولا تتأثر به، بل تظل محتفظة بفطرتها السليمة، وبينابيع الخير التي تجرى فى كيانها، فترتوى منها، وتعيش عليها.
والمجموعة الثالثة: المرأة التي طابت طبيعتها، وسلمت فطرتها.. تنشأ فى بيئة طيبة صالحة، فيزداد طيبها طيبا، وصلاحها صلاحا..
وبقي من هذا التفصيل وجه رابع، لم يذكره القرآن، وهو المرأة الفاسدة طبيعة.. تنشأ فى البيئة الفاسدة.. والسبب فى عدم ذكر هذا الوجه ظاهر، لأن النتيجة اللازمة له، لا تخرج عن حكم واحد، هو ازدياد الفساد فسادا، حين يجتمع الفساد إلى الفساد.. تماما، كما يزداد الصلاح صلاحا باجتماع الصلاح إلى الصلاح.
وهذا يعنى أمورا:
أولا: أن الذاتىّ من الأمور، يغلب العرضىّ، ويقهره.. بمعنى أن ما فى كيان الإنسان من استعداد فطرى، هو القوة العاملة فى الإنسان، وأن ظروف البيئة- مع تأثيرها القوى فى الكائن الحي، وفى الإنسان بالذات، خلقيّا، وعقليّا، ووحيّا- هذه الظروف مهما تكن، فإنها لا تقوى على طمس معالم الاستعداد الفطري المهيأ له الإنسان، سواء أكان ذلك الاستعداد طيبا أو خبيثا.. وهذا ما فهمنا عليه قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ