وقوله تعالى: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ» ..

هو إشارة إلى هذه المشاعر اليقظى، وتلك الأحاسيس المرهفة، التي ينبغى أن يكون عليها المؤمن، فإنه بقدر ما يكون عليه المؤمن من هذه المشاعر وتلك الأحاسيس، بقدر ما تكون منزلته فى الإنسانية..

والإيمان من شأنه أن يربىّ هذه المشاعر، وينمّى هذه الأحاسيس، وبمقياس الإيمان، تقاس هذه المشاعر وتلك الأحاسيس..

والعلم، شأنه فى هذا شأن الإيمان، فى رفع إنسانية الإنسان، وإعلاء منزلته.. فالإيمان، هو فى حقيقته علم، والعلم فى حقيقته إيمان.. وإن إيمانا لا يقوم على علم، هو إيمان هزيل باهت، لا يؤثر أثرا، ولا يطلع زهرا ولا ثمرا..

وإن علما لا يفتح للعقل والقلب طريقا إلى الإيمان، ولا تنقدح منه شرارات مضيئة، تضىء للإنسان طريقه إلى الله، هو نار تحرق، أو دخان يعمى العيون، ويزكم الأنوف، ويخنق الصدور..

وقد جمعت الآية الكريمة بين الإيمان والعلم، وجعلت كلّا منهما صفة لموصوف، كما يقول سبحانه: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ، وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» ولم يجىء النظم هكذا: يرفع الله الذي آمنوا منكم وأوتوا العلم» .. وذلك أن من الناس من يبدأ الطريق بالعلم، ثم يقوده هذا العلم إلى الإيمان.. ومنهم من يبدأ الطريق بالإيمان ثم، يقوده الإيمان إلى العلم.

فالمؤمن حقّ الإيمان.. عالم..

والعالم حقّ العلم.. مؤمن..

قوله تعالى:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015