بلغ سدرة المنتهى.. حيث كان بينه وبين النبي لقاء فى هذا العالم العلوىّ، الذي يفيض بجلال النور، وبهائه، مما لا تدرك العقول كنهه، ولا يقع فى الخيال تصوره.
وقوله تعالى: «إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى» .
«إذ» ظرف يكشف عن الحال التي تم فيها لقاء النبي مع جبريل، عليهما السلام، عند سدرة المنتهى، فقد غشى هذه السدرة، ما غشّاها، ولبسها من الروعة والجلال ما لبسها، مما لا تدركه العقول، ولا تناله الأفهام.
وقوله تعالى «ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى» - المراد بالبصر هنا، بصر النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأن رؤيته للحقائق التي عرضت له فى هذا المقام العظيم، كانت رؤية محققة، موثّقة، لم يدخل عليها زبغ أو انحراف، عن القصد، أو طغيان، أي مجاوزة، عن الحق، فلم تخلط حقيقة بحقيقة، بل وقع كل شىء موقعه فى عين الرسول الكريم، وفى قلبه.
وقوله تعالى: «لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى» .
الضمير فى «رأى» للرسول الكريم، وأنه قد رأى فى تصعيده فى الملأ الأعلى آيات كبرى من آيات ربه، مما لم يقع لبشر غيره.
ووصف الآيات بأنها كبرى، منظور فيه إلى تقدير المخلوقات.. أما آيات الله سبحانه وتعالى، فهى جميعها على وصف واحد، وأن أيّا منها هو الكمال كله، والجلال جميعه، ومثل هذا قوله تعالى لموسى- عليه السلام- «لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى» .
هذا ما نراه فى «المعراج» على ضوء آيات الله.. وفيها نرى أن معراج الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- إلى الملأ الأعلى، كان استكمالا لتلك الرحلة الروحية، التي أرادها الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم ليلة الإسراء، وأن النبي الكريم قطع المرحلة الأولى من الرحلة فى العالم الأرضى، بين المسجد الحرام،