فيجد لها المحمولة إليه، وقعا طيبا فى نفسه، وشعورا مسعدا فى كيانه، قبل أن تبلغه.. تماما كما وجد يعقوب من ريح يوسف، قبل أن يأتيه البشير بقميصه.. ومن هنا كان سؤال إبراهيم الملائكة عما وراءهم، من أمر خطير، وماذا يحملون من شئون تتصل به من قريب أو بعيد؟.
وفى نداء إبراهيم لهم باسم المرسلين، لا باسم الملائكة، إشارة إلى أنهم ليسوا مجرد ملائكة عابرين به، بل إنهم محمّلون برسالة من رب العالمين..
فهو يسألهم عن محتوى ما أرسلوا به إليه..
قوله تعالى:
«قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ» ..
أي أننا لم نرسل إليك بما توقّعته من شرّ، وإنما أرسلنا إلى قوم مجرمين..
والقوم المجرمون، هم قوم لوط، كما يفهم ذلك من مواضع أخرى فى القرآن الكريم.
«لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ» ..
هو بيان السبب الذي من أجله أرسل هؤلاء الرسل إلى القوم المجرمين، قوم لوط.. إنهم أرسلوا إليهم ليرسلوا عليهم حجارة من طين، وكأنّ هذه الحجارة هى الرسل التي تنزل عليهم من السماء بالدمار والهلاك، فى حين أن هناك رسلا أخرى تنزل على المكرمين من عباد الله بالرحمة والإحسان..
وفى وصف الحجارة بأنها من طين- إشارة إلى أن هذا الطين اللّين الرخو، يفعل بقدرة الله فعل الحجارة الصلدة، فيهلك، ويدمّر، وكأنه الصواعق المنقضّة من السماء..