واللّبس الذي لبس عقول المشركين واستولى عليها، هو فيما يتعلق بالبعث، وإعادة الحياة إليهم بعد الموت..
وهذا مما يشير إليه قوله تعالى فى آية سابقة من هذه السورة، وهى قوله تعالى: «بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ» .
قوله تعالى:
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ» ..
فى هذه الآية عرض آخر لقدرة الله سبحانه وتعالى، وقد غاب مفهوم هذه القدرة عن عقول هؤلاء المشركين.. وفى إعادة هذا العرض لقدرة الله، تذكير لهم ببعض مظاهرة هذه القدرة، ليراجعوا عقولهم مرة أخرى، وليرجعوا من طريق الضلال الذي هم سائرون فيه..
فالله سبحانه، هو الذي خلق هذا الإنسان من تراب الأرض، فجعل منه هذا الكائن العاقل، السميع، البصير، وهو سبحانه الذي يعلم من أمر هذا الإنسان ما توسوس به نفسه من خواطر، وما يضطرب فيها من خلجات..
وهو سبحانه أقرب إلى الإنسان- كل إنسان- من حبل الوريد..
وحبل الوريد: هو عرق فى صفحة العنق.. وسمّى العرق حبلا، لأنه يشبه الحبل فى امتداده واستدارته.. وسمى وريدا، لأنه يستورد الدم النقي من القلب، ويصبّه فى الأوعية الدموية التي يتغذى منها الجسم..
قوله تعالى:
«إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ» ..