للحياة بعد الموت، ثم الحساب والجزاء.. وكان قولهم فى هذا ما حكاه القرآن عنهم فى قوله تعالى: «إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ» (37: المؤمنون) ..
فقضية البعث والقيامة، هى المدخل الذي دخل منه على القوم كل كفر وضلال..
إنهم مستعدون لأن يؤمنوا بالله، وأن يفردوه وحده بالألوهية.. ولكن الأمر الذي لا يقبلونه، هو الإيمان باليوم الآخر، فذلك ما لا يتصورونه، ولا يسمعون لقول يقال لهم فيه..
والإيمان كلّ لا يتجزأ، فمن آمن بالله، وكفر بكتبه، ورسله واليوم الآخر، فهو على غير سبيل المؤمنين، والله سبحانه وتعالى يقول: «وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً» (115: النساء) ..
فقوله تعالى: «أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ» هو مواجهة للمشركين بما ينكرونه من أمر البعث، وما يقع فى تصورهم من استبعاد له..
فهذا الاستفهام ينكر على المشركين ضلال تصورهم لقدرة الله، وسوء إدراكهم لآثار تلك القدرة.. فهذا الوجود القائم، بعوالمه المختلفة فى السموات والأرض- ألم يكن من صنعة الله؟ فهل عجز الله- سبحانه- عن أن يبدع هذه المبدعات؟ وهل أعياه أمرها؟ فكيف يعجز سبحانه عن إعادة ما انتثر من عقدها؟ وكيف يعيا- سبحانه- عن أن يبعث الحياة فيما همد من أحيائها؟
ذلك ما لا يقبله عقل نظر فى خلق الوجود كله ابتداء، ثم تطلع إلى طيه ونشره ثانيا! ..
وقوله تعالى: «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» ..
للبس: الاختلاط الذي يقع من عدم وضوح الرؤية للأمر، وتبيّن وجه الحق فيه..