فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ»
(26: البقرة) ويقول سبحانه:
«وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً» (32: الكهف) ويقول جل شأنه على لسان صالح عليه السلام، وهو يحاج قومه بنعم الله عليهم: «أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ» (146- 148: الشعراء) ..
ويقول سبحانه: «يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ» (11: النحل) .. ويقول جل شأنه لمريم: «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً» (25- 26 مريم) .
فقد كانت النخلة قائمة بمشهد من هذه المعجزة التي ستطل على الوجود بميلاد المسيح عليه السلام، روح الله وكلمته إلى مريم.. فكانت متكأ لمريم، وصدرا حانيا تستند إليه فى شدتها التي كانت تعانى منها، كما كان ثمرها مائدة الله التي دعا مريم إلى أن تطعم منها.. إنها خير ثمر وأطيب ما تخرج الأرض من ثمر! وقوله تعالى: «باسِقاتٍ» أي عاليات، تطاول أعناقها السماء، فلا تكاد شجرة فى الأرض تبلغ المدى الذي تصل إليه، وكأنها بهذا تتربع على عرش للملكة النباتية، وتشرف عليها من هذا العلو..
وقوله تعالى: «لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ» الطلع أول ما يبدو من ثمر النخل، حين يتفتح الجراب الذي يضم فى كيانه زهر هذا الثمر.. والنضيد: المنضود، وهو المرصوص فى نظام تجتمع فيه الحبات، كما تجتمع حبات العقد النظيم.
وفى هذا الوصف للنخلة فى سموقها وطولها، وللثمر فى تنضيده، وانتظام حباته- فى هذا إلفات إلى هذا الحسن الرائع، والجلال المهيب، مما يراه الذين يرون مواقع الحسن والروعة والجمال والجلال فى آيات الله، وما أبدعت قدرته فى هذا الوجود!