الأرواح عالم الأجساد، فيكون منها هذا الإنسان الذي يبلغ به الغرور إلى أن يكون إلها فى الأرض، بأبى أن يعطى ولاءه لله رب العالمين..!!
قوله تعالى:
«وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ» .
هو معطوف على قوله تعالى: «جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ» أي وأنبتنا بهذا الماء المبارك جنات، وزروعا، ونخلا باسقات..
وفى تعريف النخل، مع اختصاصها بالذكر من بين ما فى الجنات من أشجار- فى هذا إشارة إلى تكريم هذه الشجرة المباركة، لما فيها من منافع كثيرة تجتنى من كل شىء فيها.. من جذرها إلى جذعها، إلى ليفها، إلى جريدها، إلى سعفها، إلى تمرها، إلى نوى هذا التمر.. فهى شجرة كلها خير ونفع، ليس فيها شىء يلفظ، مع عظم جسمها، وامتداد طولها.. ولهذا كانت وصاة النبي الكريم بها فى قوله- صلوات الله وسلامه عليه-: «أكرموا عماتكم النخل، فإنهن خلقن من طينة آدم» .
هذا، وتحتل النخلة مكان القمة فى المملكة النباتية، كما يأخذ الإنسان مكان القمة فى المملكة الحيوانية.. ولهذا كثر ذكرها فى القرآن، وخاصة فى معرض التذكير بنعم الله، وبما بين يدى الناس من هذه النعم، التي تتجلى فى الجنات والزروع.. فلا تكاد تذكر الجنات وما فيها من ثمر، حتى تأخذ النخل مكان الصدارة، أو تنفرد وحدها بالذكر، اكتفاء بها عن كل شجر غيرها، وحتى لكأنّ الجنة لا تكون جنة إلا إذا كانت النخل آخذة مكانها فيها.. يقول تبارك وتعالى: «أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ، وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ