تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ، فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً» .
هذه دعوة إلى هؤلاء المخلفين، تقطع عليهم مقولتهم للمؤمنين: «بل تحسدوننا» .. وهم فى هذه الدعوة مدعوون إلى قتال قوم أولى بأس شديد، وأنهم مطالبون كذلك فى هذا القتال أن يقفوا موقف المجاهدين حقّا، وهو ألا يتحولوا عن القتال إلّا إذا استسلم لهم العدوّ، ودخل فى دين الله..
وقد اختلف المفسّرون فى هؤلاء القوم ذوى البأس الشديد، الذين سيدعى هؤلاء المخلفون إلى قتالهم، حين يندب المؤمنون إلى قتالهم..
ويذهب كثير من المفسرين، إلى أن هؤلاء القوم هم فارس، والروم..
وهذا غير صحيح من وجهين:
أولهما: أن قتال فارس والروم لا يكون فيه قتالهم إلى أن يدخلوا فى الإسلام، بل إنه يكتفى منهم بقبول الجزية فى حال هزيمتهم، وإبائهم أن يدخلوا فى الإسلام، وإنما حكم القتل أو الإسلام هو فى حقّ العرب وحدهم، لأنهم هم الذين تقوم عليهم الحجة كاملة، بتلك المعجزة التي فى كتاب الله المعجز، الذي جاء بلسانهم..
والوجه الآخر، هو أن هؤلاء المخاطبين المخلفين، ينبغى أن تكون دعوتهم إلى قتال هؤلاء القوم بعد زمن قليل من وقت نزول هذه الآية..
حتى لا يذهب الموت بكثير منهم، إذ طال الزمن بهم، وقتال الفرس والروم جاء بعد نزول هذه الآيات، بنحو عشر سنين..
والذي يصحّ عندنا من هذه المقولات، هو القول بأن القوم ذوى البأس الشديد، هم بنو حنيفة، قوم مسيلمة الكذاب، الذين ارتدوا عن الإسلام،