من قبل فيكم: «يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ» - ومضمون هذا أنكم لن تخرجوا معنا..
هذا، وقد اضطربت آراء المفسرين فى هذا، وكثرت مقولاتهم، ولم نر فيما رأينا من آراء ومقولات، ما نطمئن إليه.. فكان هذا رأينا الذي نرجو أن يكون صوابا.. والله أعلم..
قوله تعالى: «فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا» - هو من مقولات المخلفين التي يمكن أن يقولوها، ردّا على قول النبي والمؤمنين لهم:
«لن تتبعونا» - وهو ردّ أحمق جهول، فيه مغالطة فاضحة.. إذ كيف يحسدهم المؤمنون، وقد دعوا من قبل إلى الجهاد، فأبوا وتخلفوا؟
وكيف وطريق الجهاد مفتوح على مصراعيه للمجاهدين حقّا، الذين يريدون بجهادهم وجه الله، وإعلاء دين الله؟.
وقوله تعالى: «بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا» أي أن هؤلاء الأعراب المخلفين، إنما هم على عمى وجهل، ولو أنهم كانوا على شىء من العلم بدين الله، وبحقائق هذا الدين، لما وقفوا هذا الموقف من الجهاد، ثم لما كان منهم هذا الاعتراض فى طريق المجاهدين بهذا المنطق الجهول.. أما مالهم من فقه قليل، فهو ما كان من أمر الدنيا وشئونها، ومع هذا فهو قشور من الفقه، لا يصل إلى شىء من لباب المعرفة، وهذا مثل قوله تعالى: «يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا، وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ» (7: الروم) .
قوله تعالى:
«قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ