والحق أن قوله تعالى: «فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ» هو دعوة إلى ما لا يقوم الإيمان إلّا به، ولا تقوم للمؤمنين دولة إلا عليه، وهو الجهاد فى سبيل الله ومواجهة أعداء الله وأعداء المؤمنين- مواجهتهم بالقوة التي تردّ بأسهم، وتبطل كيدهم، حتى يسلم المؤمنون منهم، ومن أن يكونوا تحت يدهم، فيفتنوهم فى دينهم..
وإنه ليس هناك عدو يستطيع أن يقف فى وجه المسلمين المجاهدين فى سبيل الله، إذا هم أعطوا الجهاد حقه.. مهما كان قليلا عددهم وعدتهم، بالنسبة إلى عدد عدوهم وعدّته..
وحق الجهاد، هو أن يقوم على نية القتال والقتل فى سبيل الله.. ومن كان من المجاهدين على تلك النية، فإنه لا ينظر إلى كثرة العدو، ولا يقيم موازنة بين جيش المسلمين وجيش العدوّ، على أساس العدد والعتاد، فإن ذلك إن وقع فى شعور المجاهد، حارب بنفس متخاذلة، وبقلب يخفق خفقات الهزيمة.. فذلك كله يجب ألا يكون فى حساب المجاهد شىء منه.. فهو يجاهد، ويقاتل فى سبيل الله، ولن تبرأ ذمته من أداء هذه الأمانة- أمانة الجهاد- إلا إذا رجع من جهاده بإحدى الحسنيين، إما النصر على العدوّ، والفوز بالغنائم، وإما الموت والفوز بالشهادة.. فالمؤمنون بهذه المشاعر هم الأعلون دائما..
إن المجاهد- حقّ المجاهد- هو الذي يقاتل العدوّ بكل ما لديه من قوة، وأن يكون وجهه للعدو، ولأسلحة العدو، يضرب ويضرب، وينفذ ضرباته فى العدو، ويتقى ضربات العدو له، غير مبال إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه..!