أن أمرهم بطاعته وطاعة رسوله، وبعد أن تركهم وقتا يتدبرون فيه ما أمرهم به.. وتقدير السؤال هو:
هل سمعتم ما أمرتم به؟ وهل أنتم على السمع والطاعة؟ وهل اختبرتم ما فى قلوبكم من إيمان؟ ..
إذن: «فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ..»
فهذا أمر من الله إليكم، وهو ألا تهنوا، أو تتخاذلوا فى موقفكم من العدو، وألا تطلبوا السلم.. فإن طلب السلم لا يحمله أعداؤكم إلّا أنه ضعف منكم وشعور بالهزيمة، وهذا من شأنه أن يغرى العدو بكم، ويشدد وطأته عليكم، ولا يجيبكم إلى السلم الذي تدعون إليه، لأنه يراكم غنيمة ليده..
هذا ويلاحظ أن ما طلبه الله سبحانه وتعالى من المؤمنين فى قوله سبحانه:
«فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ» - لم يلقهم سبحانه به لقاء مباشرا، بل جاء هذا الطلب إلى المؤمنين، بعد وقفة طويلة معهم على مجتمع الكافرين والمنافقين، حيث يرمو من الله بنذر من رجوم البلاء والهلاك، ثم بعد دعوتهم إلى أن يجعلوا إيمانهم بالله قائما على الطاعة والولاء لله ورسوله، وكان هذا كله تمهيدا لأن يتلقى المسلمون قوله تعالى: «فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ» ، وأن يستجيبوا له..
فلا يقع منهم فى ميدان القتال فتور أو تخاذل، وبهذا يحاربون، وقلوبهم على إيمان بالنصر الذي وعد الله المؤمنين، فلا يمدون أيديهم مستسلمين للعدو أبدا.
وهذا الأسلوب الذي جاء عليه الطلب فى قوله: «فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ» - يدل على مزيد من العناية بهذا الطلب، وإلفات المخاطبين به إلى ما لهذا المطلوب من قدر وخطر..