حين أنهم كانوا يواجهون المسلمين.. ثم ما زالوا كذلك حتى بعدت الشّقّة بينهم وبين المسلمين، وانقطعت بينهم الأسباب.. فهم ينظرون إلى المسلمين، ويحسبون أنفسهم عليهم، ولكنهم- فى الوقت نفسه- يأخذون طريقا بعيدا عنهم، يسيرون فيه فى وضع مقلوب- على أعقابهم، فلا يدرون إلى أين تتجه بهم خطواتهم العمياء!! قوله تعالى:
«ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ» الذين كرهوا ما نزّل الله: هم اليهود، يقول الله سبحانه: «ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ» (105: البقرة) ..
والذين قالوا، هم هؤلاء الذين نحولوا من الإيمان إلى النفاق، مرتدّين على أدبارهم.. والذي قالوه هو قولهم: «سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ» .. أي أنه التقى هؤلاء المنافقون مع اليهود لقاء الأولياء، تقدّموا إلى اليهود يعرضون عليهم أن يكونوا من ورائهم فى حربهم مع المسلمين.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ» (11: الحشر) هكذا كان موقف المنافقين من النبي والمسلمين بعد غزوة الخندق (الأحزاب) وكان على رأس المنافقين عبد الله بن أبى بن سلول، الذي خذّل الناس عن القتال يوم أحد.. فلما أن ردّ الله الأحزاب على أعقابهم خاسرين، التفت رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى اليهود الذين كانوا قد حزبوا الأحزاب على رسول الله، وتحالفوا مع المشركين على أن يكونوا