وإذا صلح القلب، صلح الإنسان.. وهذا ما يشير إليه الرسول الكريم- صلوات الله وسلامه عليه، فى قوله: «ألا وإن فى الجسد مضغة وإذا صالحات صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب» وثانيا: تنكير هذه القلوب، وفى هذا التنكير، إشارة إلى أنها قلوب فاسدة، لا يقام لها وزن بين القلوب السليمة، فهى- والحال كذلك- قلوب- مجرد قلوب- فى صورتها اللحمية، أما فى حقيقتها، فهى هواء، وهباء! وثالثا: فى إضافة الأقفال إلى القلوب «أَقْفالُها» - إشارة أخرى إلى أن لهذه القلوب أقفالا خاصة بها، مقدرة بقدرها.. فلكل قلب قفله الذي يلائمه..
قوله تعالى:
«إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى.. الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ» سوّل لهم: أي زين لهم الضلال، وأصله من السّؤل، وهو ما يسأل الإنسان غيره لتحقيقه، «قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى» .. وسوّل لهم الشيطان: أجاب سؤلهم بالخداع والتضليل.. وأملى لهم: أي مدّلهم فى حبال الأمل والرجاء فيما يمنّيهم به..
والآية ترجم أولئك الذين كانوا قد دخلوا فى الإيمان، ثم لم يحتملوا تبعاته، فعادوا إلى الكفر. ترجمهم الآية بهذه الرجوم والصواعق، التي تصبّ عليهم لعنة الله، وتجمع بينهم وبين الشيطان على مودة وإخاء!! وفى ارتدادهم على الأدبار إشارة إلى أنهم كانوا على الإسلام، وأنهم إذ يولّون وجوههم إلى المسلمين، يرجعون إلى الوراء شيئا فشيئا، على أدبارهم، على